"أبو مازن" يبحث عن بديل لأمريكا وترامب يبحث عن بديل لـ"أبو مازن"
Read more
كلمة ونص
شيطنة المجتمع"/غازي الكيلاني
فلسطينيات
Palestinian من هو اللاجئ الفلسطيني؟
نقطة ضوء
الغرس الطيب في حقل المخيمات ...... !!/ غازي الكيلاني
فضاء حر
التنظيم طموح أبنائه .......غازي الكيلاني/ غازي الكيلاني
فتحاويات
حركة فتح العملاقة تواجه تحديات وجودية
نبض
الزرع في حقل التنظيم
"أبو مازن" يبحث عن بديل لأمريكا وترامب يبحث عن بديل لـ"أبو مازن"
محمد سالم - غزّة
إنّ العودة إلى قراءة التاريخ والأدب الفلسطيني، منذ عام 1948 وإلى منتصف الستينات من القرن الماضي، وما كُتب في تلك المرحلة قبل انطلاقة العمل الفدائي، مسألة أكثر من ضرورية في أيامنا. لماذا؟
لأننا سنعثر فيها على كثير من الشواهد والرموز والرسائل والصور التي تشبه واقعنا الراهن. وسنقرأ قصصاً لا تنتهي عن «الوكالة» (1) وحصار اللاجئين وقصائد شعر عن سؤال الهوية وأغاني ومواويل تناجي أرضاً بعيدة مفقودة. سنرى رسومات الحنين إلى وطن سليب، وكتابات عن التعذيب وعسف الأنظمة، وكيف عبر ثلاثة رجال في الصحراء وتاهوا في رحلة موت مؤكّد وطرق بلا نهاية أو أُفق، كأنّ التيهَ قدرٌ مَحتوم على شعب تشرّد وصارت فلسطين أرضاً مستحيلة، مُجرّد الاقتراب منها شيء من العبث والجنون والمستحيل.
ثم ولد الفدائيون الجُدُد. وتغيّر الواقع. لقد عاش الشعب الفلسطيني فترات صعبة وقاسية، وجرّب مرحلة الجزر والتراجع والهزيمة و«الانقسام» كالتي يعيشها اليوم، أكثر من مرّة، كانت عادة تتبعها ولادة فلسطينية جديدة، ينهض شعب جديد من تحت الرماد، وفق قاعدة تقول: من لا يتجدّد يتبدّد، كما تُخبرنا الحكمة الصينية القديمة. الأمر ليس ترفاً، ولا حتى خياراً، هناك ثمن كبير سيدفعه الشعب اللاجئ على الجهتين، حين يصمت أو حين يثور ويطلق قدرته الكامنة على آخرها مثل زفرات النار وحمم البراكين، ينشر عدوى الثورة والعصيان في كلّ مكان ويذهب حيث لا يجرؤ الآخرون. ففي مرحلة المَدّ الثوري، يتجدّد الفلسطيني ويكتشف قدرته الكامنة والهائلة، فيؤكّد حضوره الكوني وجمالياته وتعدّده.
في الثورة، وليس في «الفزعات» ولا في فشّة الخلق... كان يولد المثقف الجديد أيضاً. يُقال إنه شعب المعجزات والرسالات وصاحب قصة الخلق والولادة، وهذه صنعة فلسطينية قديمة. ولا عجب، ويقال أيضاً إنّه شعب الأنبياء والأساطير. كم مرّة قاوم الاستعمار والحملات والجيوش والخيول التي استهدفته أو عبرت في وطنه؟ أربعون مرة؟! لكنّه كان دائماً يتجدّد.
غير أنّ ولادة الفلسطيني الجديد لا علاقة لها بالمعجزات ولا بالأساطير والأحُجيات. ففي العصر الحديث، وفي زمن الاستعمار والرأسمالية، تكون الثورة المتجدّدة للسكان الأصليين، هي الطريق الباقي والممثل الشرعي الوحيد، خصوصاً لشعب لم يعُد لديه ما يخسره بعدما جرى سَلخه بقوة السلاح عن أرضه ووطنه، من أجل بناء قاعدة متقدّمة للاستعمار في قلب وطنه العربي. وتكون الحداثة وممارسة النقد الثوري الصريح، واستيعاب طاقة الجيل الجديد، أسلحة ضرورية إذا أراد مواكبة العصر، وجسر الهوة بين زمن العدو وزمنه، كما تصبح قضية التغيير مسألة وجودية، وليست وجهة نظر أو مسألة فكرية.
وبين كلّ ثورة وانتفاضة، يعيش فترة جزر ويأتي جيلٌ أو جيلان. يبدو فيها الشعب من الخارج كأنه اغترب عن قضيته وغاب تماماً، إلّا أنّه كان في الحقيقة موجوداً يغلي تحت الصفيح والرماد في الأفران ـــــــ المخيمات ـــــــ أحزمة البؤس ـــــــ في حصار وداخل صمت طال كثيراً في مرجل الواقع، حيث وصلت درجة الغضب فيه إلى الانفجار الحتمي. ينفجر ويتحقّق الشرط اللازم للتجدّد في الوجود والانبعاث من جديد. غير أنّه، وبرغم استعداده العالي للتضحية، لم يحقّق النصر، وذلك لأنّ مَن يقوده مِن طبقات تأخذه دائماً إلى كارثة وهزيمة.
إنّ الركون إلى دور العدو وجرائمه وإلى مؤسّسة القمع، حتى تقوم بهذه المهمة في صناعة الفلسطيني الجديد، هو شكل من أشكال العبث والتواطؤ بل والمشاركة في الجريمة. فلا القمع ولا الصمت يصنع الثورة، بل وعي الجماهير لدورها وهيبتها وحقوقها، وتوافر حالة ثورية فلسطينية منظمة وفضاء ثوري وعناصر كثيرة، أهمّها وجود الطلائع الثورية من الأجيال الجديدة، وقوى شعبية لم تبِع نفسها، إضافة إلى حضور مثقف نقدي يبدأ بالتبشير بالثورة بالقول والفعل الصريح، ويقول للجماهير: ثمة طريق بديل وجديد... مِن هُنا.
وفي مرحلة الهزيمة، يسعى معسكر العدو إلى تشكيل فلسطيني «جديد» على مقاسه: طبلاً وهَيكلاً فارغاً بلا روح ولا هدف ولا هوية. هذه وصفة جاهزة جاء بها الجنرال الأميركي كييث دايتون (2)، فالمستعمر الصهيوني يبحث عن صورة الفلسطيني المهزوم في مواجهة الفلسطيني المُتمرّد. فإذا رضخ واستسلم اعتبره «ممثلاً شرعياً» و«مسالماً» و«حضارياً»، ودعاه إلى البيت الأبيض والمحافل الدولية.
ويريد المستعمر أن يرى فلسطينياً يكون شرطي أمن بلا عقيدة وطنية، كلب حراسة، بدل صورة الفدائي الثائر، يريده موظفاً مسخاً يعمل في خدمة وحراسة مشاريع الاحتلال والاستعمار، مقابل صورة مغايرة لفلسطيني آخر عَصيّ على الكسر والترويض. إنّ العدو، في الجوهر، يبحث عن فلسطيني تقليدي، ذكوري، رجعي وبائس، لا روح فيه ولا حياة، مثل روبوت يمتثل لأمر مشغّله، ويعمل بالبطارية والشاحن (الدولار)، ولديه الاستعداد لأن يلغي وجوده، يفقد القدرة على الرفض وعلى الإبداع والخلق. لقد صار أداة رخيصة وتقادمت، ويمكن للمستعمر أن يرميها ويستبدلها بأداة أخرى... جاهزة في الإمارات!
في الثورة والعصيان، يتجدّد الفلسطيني، ومعه يتجدّد مشروعه الثقافي والسياسي وكلّ شيء
حاول المستعمر خلق «فلسطيني» على مقاسه، في ثلاثينات القرن الماضي، حين أُسّست «فصائل السلام الفلسطينية»، بزعامة «الباشا» راغب الناشيشيبي، وكتائب مسلّحة عميلة تعمل في خدمة الجيش البريطاني وتستهدف الثوار. كانت بريطانيا تقيم لهم مقرات، وتسمّيها «المقاطعات»، وكان هناك فلسطيني آخر نقيض، حمل سلاحه وصعد إلى الجبال ووقف على الضفة الأخرى. قاوم حتى الطلقة الأخيرة.
تعمل كيانات الاستيطان الاستعماري في العالم، على إذابة وصهر وعي المستعمَرين، لا بل صهر وشطب الوجود كلّه للسكان الأصليين ومحو تراثهم وتاريخهم ورموزهم ومجتمعهم، وقد نجحت في الكثير من الموقع والأزمنة في تحقيق أهدافها. إنّ قدرة السكان الأصليين، أصحاب الأرض، على القتال وإدامة الصراع، هي المسألة التي تحول دون تحقيق المستعمِر لهدفه في حسم المعركة. فكلّ فعل تحرّري، كلّ بيان ثوري، كلمة، رصاصة، قصيدة، حجر، رسمة، تظاهرة، كلّ فعل متمرِّد يعني أنّ المعركة لم تُحسم بعد.
فالتناقض بين المستعمِر والمستعمَر، يظلّ يستعر في الحالة الفلسطينية، يخبو ويعلو، لا يذهب إلا ليعود مرة أخرى. ذلك أنّ الصراع القائم ليس صراعاً على حصة في أرض أو على حدود ولا من أجل «الاستقلال»، ولا بهدف إقامة «دولة»، أو تشكيل «حكومة»، وليس نزاعاً على ثروة، إنّه صراع وجود واشتباك تاريخي مفتوح تعبره الأجيال وراء الأجيال، صراعٌ بين مشاريع كبرى تصل إلى الحرب ومستوى السؤال الوجودي المعروف (تكون أو لا تكون)، هذا الصراع من طراز مختلف، أبعد من السياسة، أعمق من تقارير الأخبار اليومية، لا يخضع لحالة الطقس ومزاج الطبقات والأنظمة. إنّ كلّ الحلول مستحيلة في صراع جوهره من هذا النوع: نفي ونفي مضاد.
يُدرك الشعب الفلسطيني في حسّه وأعماقه، أن لا حلّ للصراع إلّا بالنصر. والنصر يعني السلام والعدل. ولا سلام ولا عدل إلّا إذا انتصر وزال كيان الاستعمار الصهيوني من وطنه. هذا هو الفرق الهائل والكبير بين من يبحث عن النصر ومن يبحث عن الحل. بين من يبحث عن وطن حُر وبين من يبحث عن كيان ودولة مسخ!
إنّ السلطوي الفلسطيني يدّعي دائماً أنه «عصري» و«جديد»، فيرتدي مساحيق «الوطنية» ويُكثر الحديث عن السلام ليبرّر استسلامه وخضوعه للعدو. الحقيقة أنّه ذليل أجير أمام الأمير النفطي، وفي نادي الخواجات. إنّ كل ثياب وعطور باريس لن تخفي عفونته، أمّا نقيضه فهو فلسطيني ثوري حديث وتعدديّ ونقديّ وشعبيّ.
الأوّل يبحث عن سيارة جديدة وساعة جديدة وقصر جديد، وعن خلاص فردي ومصالح طبقة عميلة؛ أما الثاني، فيبحث عن فكر جديد وعن خلاص جماعي. الأول ينتمي إلى عصابة ويطرب حين تناديه الجماهير «باشا»، ويختبئ خلف جهاز مخابرات أو نظام. والثاني، ينتمي إلى مصالح الطبقات الشعبية والمستقبل والوضوح. إنها المسافة الفاصلة بين السلطة والثورة، بين المسخ أحمد المجدلاني والقائد الشهيد غيفارا غزّة.
وستظل العلاقة مشحونة ومتوترة بين فلسطينيّ التسوية، وبين فلسطينيّ آخر يرفض التسوية، ويرى فيها استسلاماً. وهذا صراع داخلي، طبقي في جوهره، و جزء لا يتجزّأ من صراع أكبر بين الاحتلال وأدواته من جهة، وبين الطبقات الشعبية المسحوقة من جهة أخرى. ولكلّ طبقة مثقّفُها وصوتها ولسانها.
وجد الشعب الفلسطيني نفسه في «بوز المدفع» كما يُقال، أمام هجمة استعمارية استيطانية تستهدف هذه المرة اقتلاعه والسيطرة على المنطقة والعالم. من الطبيعي، إذن، أن يكون في «الخندق المتقدّم»، وعلى خطوط المواجهة الأولى، ضد قوى الإمبريالية والصهيونية والرجعية. إنّهم لم يتركوا له خيارات ولا طرقاً أخرى، فصار عليه أن «يختار» بين طريق الثورة والعبودية. إما التمرّد أو الخضوع. وكلّ ما بينهما في الوسط سيظلّ غير ذي صلة.
متى يولد الفلسطيني الجديد؟
في الثورة والعصيان، يتجدّد الفلسطيني، ومعه يتجدّد مشروعه الثقافي والسياسي وكلّ شيء. فما أحدثته الثورة الفلسطينية المسلّحة، منذ بداية الستينات وحتى عام 1974، وما حقّقته الانتفاضة الأولى، بين عامي 1987 ــــــ 1993، طال كلّ مناحي حياة الفلسطينيين ووجودهم، من الفكر إلى الأدب والفن والمسرح، وصولاً إلى معنى الهوية الوطنية. إنها فترات النهوض، حيث ينتقل فيها الفلسطيني من حيّز الصمت والانتظار إلى حيّز الصراخ والفعل والمبادرة والإبداع. وفي العصيان المسلّح بالحجر أو البندقية، يكتشف الشعب الفلسطيني قوّته المدهشة، ويكتشف العدو حقيقة فشله في حسم الصراع.
لقد كتب غسان كنفاني عن شخص أعمى استعاد وعيه فجأة، فوجد نفسه يقف أمام جدار على مفترق طرق. فأين يذهب؟ ليس مهماً، لقد استعاد الرؤية وهذا هو المهم. هذا شرط التجدّد في حيّزه الثقافي أولاً. الشرط اللازم، فلا طريق من دون رؤية، ولا رؤية من دون مواجهة الحقيقة أولاً. وطالما صار في وسعه أن يرى الجدار والطريق، إذن، سيقرّر الوجهة التي يسلكها ويتحمل المسؤولية عن قراراته، لقد تحرّر من أوهامه ومن الظلمة والأصنام، صار حراً طليقاً في وجوده، الحر يختار ويصبح من حقه أن يُخطئ ويصيب. أما العبيد والخدم فإنهم ذوات مستلَبة الوعي والإرادة، ضحايا بلا معنى، ولذلك يرسلونهم إلى صناديق الانتخابات ويطلقون عليها «اللعبة الديمقراطية» تحت الاحتلال. كانتخابات التشريعي أو الكنيست... لا فرق!
إنّ استلاب الوعي لا يحقّق للفلسطيني شرط تحرّره، وإعادة خلق نفسه ولا يسعفه في امتلاك الرؤية الصحيحة ومواجهة الحقيقة، وهذه كلّها شروط تسبق ـــــ أو تلازم ــــــ حركة التغيير بالإرادة الشعبية وحمل السلاح واكتشاف الذات، وتحديد الهدف ومعرفة الصديق والعدو.
وللفلسطيني الثوري الجديد هدف وطريق ورسالة. عليه حمل سلاحه وصليبه معاً، كما تصوّره ورسمه الشهيد ناجي العلي: المقاتل، الفدائي، المسيح، النبي، المبشّر، المتمرّد، الثائر، اليقظ، الناقد، القارئ، الجديد، وصاحب رسالة كونية؛ يكره العنصرية والاستغلال ويدعو إلى المساواة والعدالة. ومن دون أن يكون الفلسطيني الجديد نقيض الزواحف والسماسرة، ومن دون أن يتمثّل هذه الأخلاق ويمارس هذه القيَم الكبرى، فلن يتجدّد ولن يعرف طريق العودة، وسيظلّ يبحث عن خلاصه الفردي في صحارى التيه وفي خزّانات الصمت وقوارب الموت، ولن يصل إلى أيّ شيء.
لقد أغلقوا أمامه كلّ المنافذ والطرق، فاتّجه نحو الشمال. واستبدل مدن الملح بمدن الثلج، وكلاهما في الحقيقة طريق لم يختره، إنما وجد نفسه مدفوعاً إليه دفعاً، بالحصار والحروب والجوع، كي يظلّ مرشحاً للموت المجاني بلا هدف، فإذا استعاد وعيه تجدّد وتمرّد، وقرأ الرسالة والبوصلة، فتلازم في سلوكه الفكر والرصاص، وقال لنفسه: إذا كان لا بُدّ من صمود وتضحية وقتال، إذا كان لا بدّ من ثمن وموت، فليكن له معنى المجد والخلود في طريق التحرير والعودة إلى فلسطين.
* كاتب فلسطيني
لا بد من اعمال الفكر لتبيان اسباب الخيانة التي نشهد هذه الايام توالي فصولها، وتهافت “قادة” بعض البلاد العربية، لا سيما تلك التي لم تقاتل يوما في فلسطين ومن اجلها، على الصلح مع العدو الصهيوني، ودائماً تحت الرعاية الاميركية.
بداية، يجب أن نتذكر أن معظم هذه “الدول” التي يرعاها “الاميركي” ويقودها إلى الصلح مع العدو الاسرائيلي لم تكن دولاً وانما مجرد مقاطعات تتبع “دولة الخلافة” او “السلطان” ولا تملك قرارها وانما يقرر عنها من يملكها ولا من يعترض.
ليس الا مع سقوط السلطنة العثمانية ودخول “الحلفاء”- يعني بريطانيا وفرنسا المنطقة حتى جرت اعادة تقسيم هذه الارض التي كانت مباركة إلى دول شتى: لبنان وسوريا لفرنسا، أما بريطانيا فقد نالت حق الرعاية على فلسطين والعراق والاردن (بعد اختراع كيانها السياسي ومنحه الامير عبدالله ابن الشريف حسين مطلق الرصاصة الأولى ايذانا بمباشرة الثورة العربية الكبرى ضد السلطنة العثمانية)!!
وكان سبق للبريطانيين أن “اخترعوا” الكويت وهيمنوا على سائر ارض الخليج التي ستنبت فيها دول شتى (الامارات العربية المتحدة، قطر، فضلاً عن جزيرة البحرين).
على هذا فليس من المستغرب أن يلبي عبدالله بن زايد بن سلطان وزير خارجية “دولة الامارات العربية المتحدة” دعوة الرئيس الاميركي – إمبراطور الكون، دونالد ترامب للذهاب اليه في البيت الابيض، مع وزير خارجية ملك البحرين، حيث سيلتقيان بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية ويوقعان معه معاهدة الصلح وهما يبتسمان .. علما أن ” دولتيهما” العريقتين لم تقاتلا الكيان الاسرائيلي ولا هو قاتلهما وليست لبلديهما حدود مشتركة مع فلسطين، وليست لهما- حتى تلك اللحظة- مصالح مشتركة مع دولة العدو الاسرائيلي.
انها مصالحة مجانية تهدر دماء آلاف مؤلفة من الاشقاء الفلسطينيين، ومثلهم من الاشقاء المصريين والسوريين واللبنانيين (والعراقيين).
من جاءه “الوطن ” كهبة” من المستعمر على شكل “دولة” لن يكن مستقلا حتى لو كان جيشه بعدد رمال البحر.
الاوطان، يبنيها اهلها بأرواحهم، ويصونونها ويمنعون عنها اعداءها بمقاومتهم واستشهادهم من اجلها.
“وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة تدقُ”!
لا تستعجب...... فقد تكون مواطنا صالحا ...لكن للاسف ..الخائن لســـــانك !!
المعلومة و الجاسوس .....و علاقة تلاحقية , حيث يلاحق الجاسوس معلومته , اى معلومة , رغم ان المعلومات العسكرية تأتى فى المقام الاول فى حروب الجواسيس , الا ان اى معلومة مهمى بدت تافهة تصل الى العدو , قد تفيده , بل قد تكون قاتلة للوطن , حيث ان تحليل المعلومة هو قيمتها الحقيقة و ليس ظاهرها او منطقها المعتاد.
و من يراجع بداية الكثير الجواسيس يجد ان اغلبهم بدأ بارساله لمعلومات عادية عن محيط تواجده فى ارض الوطن, يراها الجميع كانها شىء معروف لاى شخص , بينما تحليل العدو للمعلومة هو قيمتها الحقيقة , و الرهيبة , .....اسعار الخضر و الفاكهة . توافر السلع و غيابها فى الاسواق .... اختلاف كمية نوع من الادوية , المهام و الادوات العادية المستخدمة فى الوحدات العسكرية ......الخ , قد يكون بالنسبة لاى شخص مجرد معلومة عادية عديمة القيمة ......بينما هى قد تكون مؤشر اندلاع حــرب تدمر جهود جيوش و مقاتلين طوال سنوات مضت, لمجرد انها وصلت العدو ....عن طريق جاسوس , او من حــوار عابــــر !!
لن تتخيل ان حوارك العابر فى القطار اثناء جلوسك بين مئــات النــــاس , او فى احد الاسواق عن معلومة تتشدق بها عرفتها من ذاك المجند قريبك , قد التقتطها اذن مدربة الى جوارك , و ان هذه المعلومة قد وصلت الى قلب العدو فى غضون ساعات, او دقائق و تكون الكارثة !!!!
فليس من العجيب ان يتم احباط و التصدى لاحد الخطط العسكرية المتقنة فى الحرب العالمية الثانية التى تعتمد على الالتفاف حول موقع العدو و اقتحامه من جهة "ملاحات " غير متوقعة , لمجرد معلومة وصلت للمعسكر المضاد من جندى ثرثار اخذ يتشدق فى القطار عائدا من اجازته, بانه تم توزيع احذية ذات رقبة طويلة اكبر من المعتــاد .....وصلت المعلومة للمعسكر المضاد ..... و حللتها اجهزة مخابرته , و تم التوصل الى الخطة كاملة بالتحليل المنطقى لتلك المعلومة ....و كانت نهايتها و فشلها لاجل "جندى ثرثار.....و حذاءه !!!".
و دعونا نسأل انفسنا .....ماذا كان موقف العدو , اذا عرف ان القمح الفاسد الذى تم احراقه بالاطنان علنا امام كاميرات الصحافة قبيل حرب اكتوبر هو مجرد "نشارة خشب" ....و ان القمح الحقيقى قد تم نقله الى مخازن اخرى استعداد لحرب !!!
و ماذا لو علم العدو –بشكل غير مباشر طبعا - من ثرثرة طبيب "لا يجيد حفظ الاسرار " ان المستشفيات الاقرب للجبهة قد تم اخلاءها بخطة وهمية بدعوى تلوثها بميكروب التيتانوس استعداد لاستقبال الجرحى فى المعركة التى ستندلع بعد ايــــام !!
و ماذا يحدث لو ان حوارا تليفونيا عابرا بين مدير احد جهات التموين و زوجته القى فيه الضوء الى غمر الاسواق بكمية غير مسبوقة من كشافات الاضاءة اليدوية الصغيرة , بطريقة تتعارض مع ما هو معتاد و بكميات ضخمة ...و ان العملية وراءها بشكل سرى احد الاجهزة الامنية .....,حيث لم يكن ذلك سوى احد الاف خطوات الاستعداد للاظلام التام ايام المعركة المندلعة بعد اسابيع !!
كل ما سبق لم يكن امثلة افتراضية , بل كانت امثلة خطط خداعية متقنة و ناجحة قامت بها المخابرات العامة المصرية قبيل حرب اكتوبر , كانت قد تفسدها كلمة غير مسؤلة تصل لمسامع عملاء العدو .
ان الاجهزة الامنية و الاستخباراتية تبذل قصارى جهدها لحفظ السر , و لكن بعض الاسرار يستحيل حفظها عن من تتضمنهم تلك الاسرار....مثل مواقع التدريب على العبور اثناء حرب الاستنزاف التى كان يعلمها كل جندى شارك فى التدريب , او خطط الاعدادللحرب واسعة النطاق التى تتضمن العديد من قطاعات الدولة عسكرية كانت او مدنية.
و ان كان مما لا شك فيه ان جهاز المخابرات المصرى قد تمكن من تعليم الناس قيمة السر و خطورة الكلمة فى تلك الحقبة من اواخر الستينيات و بداية السبعينيات , سواءا عن طريق صحفيين و مؤلفين كبار و مقالات ذات طابع خاص أو مسلسلات اذاعية او كتب توعـــيـــة عن طرق العدو فى استقاء معلوماته من حوارات المواطنين فى الاماكن المختلفة , حيث كان لها الدور الاكبر لتعليم المواطنين معنى الكلمة و خطورتها , فبعدما كان الناس يشيرون الى مكان ما باسم "محطة المطـــار الســـرى " ,حيث كان اسم دارج لاحد محطات عربات النقل الجماعى "الغير رسمية و لكن المتعارف عليها " فى القاهرة جوار موقع مطار عسكرى .....سرى, و لكنه تحول الى عــــلم .....لان السنة الناس تهمس ...ثم تتكلم , و تردد , و تخبر , وتنطق.....و تنطلق.
لقد تحول الناس بفضل تلك الخطط التعليمية العامة من هذا الافراط فى الحديث عن الاسرار الى مــــــبدأ "ارى و اسمع ....و لا اتكلم" , كما وصفه د. نبيل فاروق كعنوانا لاحد مقالاته عن الموضوع ذاته !!!
و رغم ان تلك الحقبة فى فترة الستينيات كانت الجريدة و الاذاعة هى مصدر المعلومة الاول , الا ان المواطنين بشكل عام استوعبوا خطورة الامر و توقفوا عن الثرثرة و الحديث دون داعى و خاصة فيما يتعلق بالمسائل العسكرية .
و عبر السنين , فان اجهزة المخابرات بشكل عام تخصص قسم بين اداراتها المختلفة يختص بمتابعة و قراءة الجرائد اليومية , و ملاحظة المعلومات الواردة فيها بكل دقة , ثم تحليلها و الحصول منها على معلومة ضخمة لا يتوقع احد ان مصدرها الجريدة ....فقد يكون نعيا لضابطا كبيرا فى جريدة هو السبيل لمعرفة اسماء الضباط العاملين
معه فى نفس المكان!!!
و قد نجحت المخابرات المصرية بتفوق فى استغلال تلك النقطة لخداع العدو ببراعة , بدءا من اعلان التقدم لاداء مناسك العمرة لضباط الجيش فى الجرائد الرسمية اول اكتوبر ......الى حد خداع العدو بخطة خبراء الحرب النفسية و لغة الجسد Body Language حيث كانت صور القادة فى الاخبار العسكرية فى جرائدنا الرسمية تلتقط و هم يرسمون على وجوههم ابتسامات تدربوا عليها خصيصا و يتخذون من جلستهم طريقة تنم عن استرخاء شديد و انهم قادة لا يفكرون فى حرب ...بينما يخفون بداخلهم اتون استعداد للمعركة ....و نجحت الخدعة ....و فى معلومة علنية يحصل عليها العدو فى جريدة رسمية !!!
و العجيب انه مع التقدم و التكنولوجيا , نجد ن الحس الامنى بدأ فى الانخفاض ان لم يكن الاندثار , و مع سهولة تداول المعلومة , تفاجأ بمن يكتب – دون اى اكتراث- عن مسار و مكان وتوقيت خط سير بعض المركبات العسكرية او الطائرات او الوحدات البحرية ...الخ ....بل و يدعمها بالصور لمجرد فتح حوار يتشدق به ببعض المعلومات الضحلة لديه , و يكون بذلك قد اهـــــدى العـــدو ما لم يحلم به من معلومة , لو ارسلت من جاسوس مبتدىء لكانت مكافئته الاف الدولارات !!!!!
لــــذا يجب ان تراجع كلماتك قبل ان تتفوه بها ..... "امسك عليك لسانك " , ليكن شعار فى حياتك عامة , و فى ما يتعلق بأمن الوطن خاصـــة ,,,, فاما ان تكون "ارى ...و اسمع ....و لا اتكلم " – و اكرر فيما يمس امن الوطن لا لهدف اخراس المواطن كما سيظن البعض -.....او تختار ان تهــدى العدو الكثير ....و ان يكون ....الخــــــائن ....لســــــــانك !!!!!
الاعلام ..سلاح وعي وثورة / بقلم عبد معروف
يتخذ الاعلام مكانة بارزة في حياة الشعوب وتطورها وتقدمها، ولا يعرف أهمية الاعلام إلا أولئك النخب الواعية والمثقفة التي مازالت أمينة على تاريخها وتاريخ شعبها ودم شهدائها.
ودور الاعلام لا يختلف عن دور المقاتل في جبهات القتال، ولا عن دور العمل التنظيمي والشعبي والطبي والخدمات المعيشية، ومثلما هوالطب والغذاء ضرورة والقتال ضرورة، أيضا للإعلام ضرورة لا يتجاوزها إلا القطاعات المتخلفة والجاهلة من فئات معينة في صفوف الشعب والقوى السياسية.
كما أن اختيار العدو لاغتيال الشهداء الاعلاميين المفكرين: كمال ناصر وغسان كنفاني وماجد أبو شرار وغيرهم، ومحاولة اغتيال المفكر الدكتور أنيس صايغ، وغيره كان ليؤكد أهمية دور الاعلام في مسار الثورة والدفاع عن القضية وحقوق الشعب، كما كان تماما اغتيال القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية، لأن العدو يعلم دور هذه القيادات الفكرية والاعلامية ودور الاعلام وأهمية الكلمة والمجلات والنشرات التحليلية والتوثيقية في تكون رأي عام لنصرة الثورة وحقوق الشعب. ولا تختلف أهمية ميدان عن ميدان آخر ، فمن يقف في ميدان العمل الاعلامي المهني والوطني هو في ميدان العطاء وأبرز مكانة له في ميدان الانتصار والدعم للشعب، فالاعلام الذي يساهم في بلورة وعي وطني ويكشف زيف الاعلام المعادي، في في قمة الفعل والعمل وليس غائبا عن ميدان العطاء للشعب، ومن لا يعرف أهمية الاعلام (مقال، خبر، تحليل إخباري، ....) هو حتما إنسان سطحي وضجيجي وقصير النظر ومتنكر لدماء الشهداء.
ولكن أي إعلام ؟
طبعا الاعلام الذي يحتاجه الشعب في مرحلة التخبط واشتداد الأزمات، والاعلام الضروري في مرحلة التحرر الوطني أو الانمائي الحر العادل، هو إعلام حر، يدافع عن الوطن وقضايا الشعب، لا يعتمد على مجاملة المسؤولين، ولا يعتمد على طنين الشعارات والخطابات وتسليط الضوء على فتات الانجازات، إنه إعلام هادف، إعلام نقدي تحريضي يكشف مكامن الخلل والفساد، ويكشف زيف إعلام العدو الاسرائيلي.
وهو إعلام هادف أيضا، لأن هدفه تكون وعي وطني ، وتكوين رأي عام مساند، وتعميم الثقافة الوطنية وحشد الطاقات بعيدا عن حالات اليأس والاحباط، إعلام يكشف للشعب ما يجري ولماذا يجري، إعلام وعي حركة الواقع ومساره وصيرورته، من أجل تحديد السياسات الضرورية للمعالجات والمواجهات، فالشعارات العامة والتقاط الصور لا تكفي، والاعلام السطحي لا يكفي، بل المطلوب إعلام على مستوى المرحلة، فكل قطاعات العمل وكل السياسيين والقيادات الشعبية جميعها تحتاج للوعي، والاعلام هو منبع ومصدر الوعي وبالتالي فالجميع يحتاج للإعلام وكل مسؤول يحدد الاعلام الذي يريده على قياسه وعلى مستواه.
للاعلام دور تحريضي كاشف للواقع ولا يستر خلل وعيوب ولا يبرر الانتكاسات والازمات والتراجعات، بل مهمته أن يسلط الضوء عليها لمعالجتها وتجاوزها، إنه إعلام الوعي والكشف والتوضيح، هو إعلام النقد وتفكيك الوعي الزائف وهذا ميدان صراع لا يقل أهمية عن الميادين الأخرى العاملة بصدق دفاعا عن الوطن وقضايا الشعب.