أبطال قلعة شقيف
عشقوا وطنهم فافتدوه بأرواحهم وواجهوا وحدهم -كما ثورتهم - جيش المستعمرة الصهيونية وتواطؤ ذوي القربى والكون بأسره .
سبعة وعشرون فدائيا فلسطينيا فقط ، آمنوا بعدالة قضيتهم وسلاحهم الكلاشينكوف والأر بي جي فقط ، اتخذوا القرار بمنع جيش الغزاة الصهاينة المدجج بأحدث الأسلحة والمحمي جوا وبحرا وبرا من التقدم في قلعة شقيف حيث يتمركزون . فقاتلوه ثلاثة أيام متصلة/ نصف المدة التي استغرقتها حرب حزيران عام 1967 وأسفرت عن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية /سبعة وعشرون فدائيا فقط أوقعوا في صفوف العدو خسائر ربما فاقت مجمل ما تكبده في المعارك الخاطفة التي اعتادها مع النظام العربي الرسمي ، فجردوه بذلك من أسطورة الجيش الذي لا يقهر .
أبطال قلعة شقيف بعيون أعدائهم
منقول عن صفحة الاستاذ سعيد انجاص .
بث التلفزيون الإسرائيلي الليلة الماضية فيلما "
وثائقيا عن معركة قلعة الشقيف في جنوب لبنان عام 1982، وبالصوت والصورة جمع الفيلم شهادات جنود الكوماندوز الإسرائيلي الذين شاركوا في المعركة .
يتضح مما تم كشفه أن الجيش الصهيوني بقيادة شارون ، استعصى عليه حين اجتاح لبنان عام 1982 احتلال قلعة الشقيف، فوضع خطة للتقدم نحو صيدا وترك القلعة من شدة المقاومة فيها ، واكتفى بقصفها بطائرات إف 16 والصواريخ بمختلف انواعها وبواسطة المروحيات الحربية، لكن دون جدوى .
وفي يوم الجمعة / اليوم الخامس للاجتياح / عاد الجيش الصهيوني وحاصرها بأكثر من 1200 جندي ، وتموضع في قرية أرنون القريبة، وعند ساعات الغروب بدأ الهجوم العنيف وزحف رجال الكوماندور الاسرائيلي باتجاه القلعة، لكن الفدائيين داخل القلعة رفضوا الاستسلام وقرّروا المواجهة . حتى قال أحد الضباط الصهاينة على جهاز الاتصال اللاسلكي (إنها جهنم، أرسلوا الإسعاف فورا لقد سقط ستة جنود قتلى وجرحى ) .
بدأ القتال، فكانت معركة لم يشهد الجيش الصهيوني مثلها في تاريخ المواجهة أبدا ، واستخدم الفدائيون هناك الأر بي جي والرصاص وحتى السكاكين في مواجهة جيش كامل .
وفيما كانت الجيوش العربية ترتعد من الخوف وكان الناس يفرون الى بيروت ، ظلّ 27 فدائيا فلسطينيا في القلعة ، وقرروا كتابة التاريخ على طريقتهم .
يقول أحد جنود الكوماندوز الاسرائيليين والدموع تنزل من عينيه، حين وصلنا القلعة كانت جثث الجنود الاسرائيليين في كل مكان والجرحى ينزفون ويصرخون، وقد فاجأني أحد الفلسطينيين باقترابه مني لمسافة 30 سنتم وأطلق النار علينا،كانوا يطلبون الموت كما نطلب الحياة .
ومضت الليلة، ومضى النهار ومضى يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد وكل لجيش الاسرائيلي لا يتمكن من إخضاع الفدائيين أو منعهم من المقاومة، وفي كل مرة كان جنود الاحتلال يحملون الجثث والجرحى ويولّون الأدبار، واستمر القتال وجها لوجه في كل خندق وكل متر في القلعة ، وتحت كل حجر لمدة62 ساعة كاملة. ثم وبعد أن استشهد 25 فدائيا خلال القتال في الخمسين ساعة الأولى ، بقي اثنان من الفدائيين رفضا الاستسلام ، واستغرقت المواجهة معهما 12 ساعة كاملة ، وجيش كامل لا يستطيع رفع العلم الاسرائيلي على القلعة . وفي النهاية ، وقبل استشهادهما تمكنا من قتل 10 جنوداسرائيليين وإصابة 17 آخرين بجروح خطيرة .
أحد ضباط الجيش قال للتلفزيون وهو يبكي: حين دخلت القلعة وجدت أحد جنودي ينزف ويرتجف، فطلب مني أن يشرب الماء ، ولكن يداه كانتا مقطوعتان وتقطران دماً، وحين نظرت لرجليه كانتا أيضاً تنزفان ومقطوعتان ، إذ يبدو أن أحد المقاتلين الفلسطينيين كان لا يبعد عنه سوى متر وزرع قنبلة تحته . لم أتمكن من سقيه الماء ، نظر إلي وقال لي قبل أن يموت: أهربوا أهربوا أهربوا.
يوم الاثنين صباحا ، استشهد آخر اثنين من المقاتلين في القلعة، وجاء قائد الجيش ورأى الجثث فاندهش من ان سبعة وعشرين فدائيا فقط هم من صنعوا هذا ألعالم حدث ، وبعد دقائق جاء شارون وأصيب هو الآخر بالصدمة من عدد القتلى الإسرائيليين وعدد الجرحى ، وقبل أن يفهم شيئا ،جاءت مروحية إسرائيلية تحمل رئيس الوزراء مناحيم بيغن الذي لم يكن يعرف حقيقة ما جرى.
نزل بيغن من الطائرة وقال بسذاجة: ما أجمل هواء التلال يا شارون، هل كانت معركة هنا ؟ رد شارون وهو مصدوم : جنودنا صغار في العمر حاربوا هنا واخفى عن بيغن عدد القتلى . حينها سأل بيغن الجندي امام كاميرات التلفزيون :هل كان لديهم بنادق ؟ ردّ الجندي نعم سيدي الكثير من البنادق . وهنا واصل بيغن أسئلته إذا ما كان الفدائيون قد استسلموا لهم ؟ رد الجندي بغضب وهو يكاد يبكي : لم يستسلم أحد منهم أبدا . لم يستسلم أحد.
نظر بيغن إلى أرض قلعة الشقيف ، فوجد الرصاص بارتفاع 20 سنتم على الأرض ، ونظر إلى شارون وفهم ما جرى".
Post a Comment